متخيل الهويّة في رواية "قناع بلون السماء" لباسم خندقجي

Abstract

يُعدّ الأدب من أبرز الوسائل التي يُجسّد من خلالها مضامين التّجربة الإنسانية بكل تعقيداتها وتنوّعاتها، فالأدب لا يقتصر فقط على سرد الأحداث ووصف الشّخصيّات، بل يتجاوز هذا السّياق المحدود إلى ما هو أعمق، فنجده يغوص في أعماق وأغوار النّفس البشريّة، ويطرح قضايا وجوديّة واجتماعيّة وثقافيّة، متجذّرة في واقع الأف ا رد والمجتمعات. ومن بين هذه القضايا تحتل مسألة الهوّية مكانة بارزة، إذ تتيح للأدب فضاءً رحْبًا، وأرضا خصبة للتّأمّل في مفاهيم الانتماء والاختلاف. واستنادا إلى هذا نجد مصطلح الهوّيّة من أكثر المفاهيم إشكاليّة وتشعّبا في الأوساط الأدب ية المعاصرة، بحكم أنّه مدلول معاصر لم يكتسب سياقه الاجتماعي، والسّياسي، والثّقافي، بمعزل عن مفهومه الفلسفي إلّا قريبا. ويُرجع الكثير من المفكرين اليوم، تلك الص ا رعات في حقيقتها إلى ص ا رع هويّات، تتنافس على فرض وجودها على غ ا رر الأخريات. وفي ظلّ واقع مشحون بالصّ ا رعات السّياسيّة، والتّاريخية، والثّقافيّة، تبرز مسألة الهوّية كإحدى أكثر القضايا إلحاحا في الفكر المعاصر ومثال ذلك القضية الفلسطينية التي أثبتت هذا الطرح، حيث أصبحت الهوّية معركة وجود وليست مجرّد انتماء، ووَجَد الفلسطيني نفسه عبر عقود من النّكبة، والشّتات، والاحتلال، في مواجهة مستمرّة مع محاولات الاقتلاع والتهميش وطمس هوّيته العربيّة الإسلامية، فكانت الكتابة أحد أبرز أشكال المقاومة الفكريّة، فما كان للفلسطيني إلا الدفاع عن هويته، التي حاول الاحتلال تغييبها شيئا فشيئا، بمصادرة الا ا رضي، وتغيير العملة، وغيرها من الأساليب. فكان الأدب إحدى الوسائل المهمة للتعبير عن الهوية، ولعلّ أبرز الأصوات الأدبيّة التي فرضت حضورها ضمن الفنّ الرّوائي الكاتب )باسم خندقجي(، الذي استطاع من داخل أسوار السّجن العاتية أن يُبدع خطابات عميقة، ذات بُعد إنساني ووطني في وقت واحد، فتأتي روايته ''قناع بلون السّماء'' كواحدة من أبرز أعماله التي جمع فيها بين الجماليّة الفنّية الرّوائية، وموضوع الهوّية، والسّردية المبنيّة على المتخيّل في الموضوع.