الصور البيانية في القرآن الكريم سورة يوسف أنموذجا

Abstract

شغلنا القرآن الكريم الذي لا جدال في أنّه كتاب العربية الأكبر ومعجزتها البيانية الخالدة ومثلها الأعلى الذي يجب أن يعور إليها كل عربي أراد أن يكسب ذوقها ويدرك حسها ومزاجها ويستشف أسرارها في البيان وخصائصها في التعبير والأداء. وللقرآن بلاغة لو أردنا التحدث عنها لآتينا للبحث فيها من عدة وجوه، فننظر في ألفاظه من جهة فصاحتها وفي نظمه من جهة أخذ كل كلمة الموضع اللائق بها، وفي دلالته من جهة أخرى تصوير المعاني وإيصالها إلى الأذهان من غير تعسف ولا التواء، ثم من الجملة من جهة ما تحمل المعاني التي تستدعي المقام لمراعاتها، أماّ فصاحة مفرداته فلا تمر بك كلمة منه إ ّ لا وجدتها محكمة الوضع، خفيفة الوقع على السمع وأما متانة نظمه، فقد بلغت الغاية التي ليست وراءها مطلع، فلا يمكن وأنت العارف بقوانين البيان الناظر في منشآت البلغاء بإمعان، أن تشير إلى جملة ما وتقول: ليتها جاءت على غير هذا الوضع، أو تشير إلى كلمة من كلمها وتقول: لو استبدلت بها كلمة أخرى كانت الجملة أشد انسجاما وأصفى ديباجة. وأماّ انتظام دلالاته على ما يقتصد إفادته وإحضاره في الأذهان فإنك ترى فيه التَّ َ شابِي ه الرائعة والأمثال البارعة، والاستعارات اّلطريفة والمجازات اّللطيفة، والكنايات المنقطعة النظير، والتّعريض الذي يقتضيه المقام، فيكون أقرب إلى حسن البيان من القول الصريح.